تدور صناعة السيارات الكهربائية في دائرة مفرغة خلال الآونة الأخيرة، في ظل تراجع الطلب عالميًا وتباطؤ الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وبحسب تحديثات قطاع السيارات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، أثّر العديد من العوامل في أداء كبريات الشركات ومصانعها وسط تلميحات بالإغلاق؛ ما دفع العمال إلى تبني احتجاج مضاد.
وفي خضم الأحداث، أطلق الإعلامي البريطاني “أندرو نيل” جرس إنذار حول تداعيات التركيز على أهداف الحياد الكربوني، وما قد يؤول إليه مستقبل الصناعة في أوروبا عامة -وألمانيا خاصة- إذا استمرت إغلاقات المصانع نتيجة ضعف الطلب.
وتشكل انبعاثات قطاع النقل الصداع الأكبر في رأس نشطاء البيئة والمناخ، وكذلك الحكومات وصناع السياسات ممن حملوا على عاتقهم الالتزام بمستهدفات “غير واقعية” لنشر السيارات الكهربائية على الطرق.
معضلة شركة فولكسفاغن
تشكل معضلة شركة فولكسفاغن انعكاسًا للتحديات التي تمر بها صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا؛ إذ تشهد الشركة الألمانية تقلبات قد تؤدي إلى إغلاق مصانعها.
وخلال أيام قليلة تفاقمت الأحداث داخل الشركة، مع إعلان إدارتها أنها قد تغلق المصانع؛ نظرًا إلى ضعف الطلب، والتحول بوتيرة متباطئة في القطاع.
وقال الإعلامي أندرو نيل إن عمال الشركة بدأوا احتجاجًا ضد إغلاق مصانع الشركة الألمانية، مشيرًا -في تدوينة له على موقع إكس- إلى أن أهداف الحياد الكربوني قد تعرض قطاع السيارات إلى “كارثة”.
Workers at Volkswagen factories across Germany striking after the manufacturer said it would have to close plants amid falling demand and a slower-than-expected transition to electric vehicles.
European governments’ obsession with net zero is a death wish on the automotive…— Andrew Neil (@afneil) December 2, 2024
وكان الآلاف من عمال الشركة قد بدأوا إضرابًا منذ الإثنين الماضي (2 ديسمبر/كانون الأول 2024)، بعدما أفصحت الشركة عن نيتها إغلاق 3 مصانع وتقليص المعاشات.
وتنوي إدارة الشركة خفض ميزانيتها بنحو 18 مليار يورو (ما يعادل 19 مليار دولار أميركي)، تشمل إجراءات إغلاق المصانع وخفض المعاشات السابق ذكرها.
(اليورو = 1.06 دولارًا أميركيًا)
واصطف العمال خارج المصنع الرئيس لشركة فولكسفاغن، مؤكدين أن التفاوض مع الإدارة خلال الأسبوع المقبل من شأنه تحديد تهدئة الإضراب أو تصعيده.
وفي الوقت ذاته، حاولت الشركة تقليص تأثير الإضراب في إمدادات العملاء، وفق ما نقلته صحيفة إكسبرس البريطانية.
بورشه والتخبط الألماني
تراجعت أرباح “فولكسفاغن” إلى أدنى مستوياتها خلال 3 سنوات، في الربع الثالث من العام الجاري، في ظل وتيرة نمو بطيئة لمبيعات السيارات الكهربائية.
وسجلت مبيعات أكبر شركات السيارات الأوروبية تراجعًا بنسبة 4.7% على أساس سنوي، وفق نتائج أعمالها الفصلية.
ولم تكن فولكسفاغن شركة صناعة السيارات الألمانية الوحيدة التي عانت خلال رحلة انتقال الطاقة؛ إذ سجّلت “بورشه” أحدث المنضمين إلى الضحايا.
وأعلنت الشركة، في وقت سابق، تخليها عن مستهدفات نشر السيارات الكهربائية وإطارها الزمني، في تراجع عن تعهدات كانت قد أطلقتها -قبل عامين- بتحويل 80% من إنتاجها إلى سيارات عاملة بالبطاريات بحلول عام 2030.
وحديثًا، أقرّت الشركة باستمرار إنتاج السيارات العاملة بمحرك الاحتراق الداخلي، خاصة التي تعمل بالبنزين، في ظل انخفاض الطلب على الطرازات الكهربائية.
ويأتي تعثر “فولكسفاغن” و”بورشه” عقب شهر من مهاجمة المستشار الألماني “أولاف شولتز” إجراءات الاتحاد الأوروبي ضد الشركات التي لم تلتزم بتحقيق أهداف الحياد الكربوني، والاتجاه لتغريمها.
وانحاز شولتز لاحتفاظ الشركات باستثماراتها، وضخها في تحديث الصناعات بدلًا من دفعها غرامات.
فجوة أوروبية
يبدو أن هناك فجوة أوروبية بين ما تتبناه الحكومات من جهة، وأصحاب الشركات والمنتجين والمصنعين من جهة أخرى.
ويتمسك المصنّعون بأن المبيعات كشفت عن مدى “عدم واقعية” أهداف الحياد الكربوني في قطاع النقل، خاصة أن غالبية السائقين وملاك السيارات ما زالوا يفضلون السيارات التقليدية.
وكان جمعية مصنعي السيارات في الاتحاد الأوروبي قد دعت لإرجاء مستهدفات خفض انبعاثات قطاع النقل.
وحذرت الجمعية من تداعيات الأهداف الخضراء الطموحة لمستقبل صناعة السيارات، مشيرة إلى الالتزام بوقف إنتاج السيارات العاملة بالبنزين والديزل بحلول عام 2035 يهدد بغرامات وخسارة قد تصل إلى مليارات الدولارات.
ولفتت إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية، جراء اضطراب الوظائف ومعدلات الإنتاج.
وبالتزامن مع ذلك، تمر صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في القارة العجوز بحالة ضعف شديدة، خاصة مع إعلان أكبر شركات القارة “نورث فولت” تقدمها بطلب إفلاس، نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- إضراب فولكسفاغن ومخاطر صناعة السيارات الأوروبية، من إكسبريس.