سياسات “بايدن” تعزز الاقتصاد وتخذل الأمريكيين

سياسات “بايدن” تعزز الاقتصاد وتخذل الأمريكيين

حصد الرئيس الأمريكي جو بايدن إشادات عالمية لإدارته اقتصاداً حقق نمواً مذهلاً.

ومع ذلك، بينما يستعد لمغادرة منصبه الاثنين المقبل، يشعر العديد من الأمريكيين بأن أوضاعهم تدهورت مقارنة بما كانت عليه الأوضاع عند توليه الرئاسة.

امتدت فترة حكم بايدن لأربع سنوات اتسمت باضطرابات اقتصادية عالمية، بدءاً من جائحة كورونا ووصولاً إلى أسوأ صدمة تضخم منذ جيل، فضلاً عن تصاعد التوترات مع الصين.

رغم ذلك، أظهرت بيانات جمعتها شركة “بي سي جي” أن دونالد ترامب سيتولى الرئاسة في ظل واحدة من أقوى الخلفيات الاقتصادية لأي رئيس منذ فترة جيمي كارتر.

قال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في شركة “موديز أناليتكس”: “ورث بايدن اقتصاداً منهكاً بسبب كوفيد-19، ويترك خلفه اقتصاداً استثنائياً قوياً”.

ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن معدل البطالة في الولايات المتحدة قريب من أدنى مستوياته التاريخية، والتضخم يتراجع ببطء، وكذلك، ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بأكثر من 50% منذ بداية فترة بايدن.

في الوقت ذاته، تحولت السياسة الاقتصادية الأمريكية بعيداً عن الأيديولوجيا السوقية الحرة نحو دور أكبر للدولة، حيث أطلق بايدن على استراتيجيته الاقتصادية مصطلح “بايدنوميكس”، التي وصفها بأنها تهدف إلى “نمو الاقتصاد من الطبقة الوسطى ومن الأسفل إلى الأعلى”.
لكن رغم ذلك، يرى كثير من الناخبين الأمريكيين، خصوصاً من ذوي الدخل المنخفض، أن مرونة الاقتصاد لم تنعكس إيجاباً عليهم.

ولم تنجح سياساته، بما في ذلك قانون خفض التضخم بقيمة 369 مليار دولار، في التأثير على عامة الناس، حيث فشلت في ما يطلق عليه المحللون السياسيون “اختبار ريجان”.

في المناظرة النهائية للسباق الرئاسي لعام 1980، سأل المرشح الجمهوري رونالد ريجان الجمهور: “هل أنتم أفضل حالاً الآن مما كنتم عليه قبل أربع سنوات؟”.

يُظهر استطلاع أجرته جامعة ميشيغان أن الأمريكيين من جميع فئات الدخل يشعرون أن الإجابة على هذا السؤال في عهد بايدن هي “لا” مدوية.

في الفترة التي سبقت الانتخابات، أظهرت استطلاعات “فاينانشال تايمز-ميشيجان روس” أن الأمريكيين اعتقدوا أن ترامب أفضل في التعامل مع الاقتصاد مقارنة ببايدن.

وجدير بالذكر أن التضخم، الذي وصل إلى مستويات مرتفعة خلال عدة عقود في فترة بايدن، كان هو الشاغل الأول للناخبين.

وبينما ألقى العديد من الاقتصاديين باللوم في ارتفاع الأسعار على عوامل عالمية مثل تعطل سلاسل التوريد، يرى آخرون أن خطة الإنقاذ الأمريكية البالغة قيمتها 1.9 تريليون دولار في عام 2021، التي قدمت مدفوعات تحفيزية مباشرة للأسر، لعبت دوراً حاسماً في زيادة تكلفة السلع الأساسية اليومية.

ورغم انخفاض عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه لا يزال مرتفعاً بشكل غير مريح، حيث يُقدر بنحو 6.4%.

كما أن الدين الفيدرالي يتجه نحو مسار تصاعدي، وصفه مكتب الميزانية في الكونجرس المستقل بأنه “غير مسبوق”.

أسهمت السياسة النقدية المتساهلة عند تولي بايدن الرئاسة في زيادة الأسعار بعد الجائحة، مما اضطر مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد للسيطرة على التضخم.

ورغم أن التضخم الآن أقرب إلى هدف 2% الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي، فإن تلك الزيادات في أسعار الفائدة أثرت سلباً على المعنويات الاقتصادية.

تُظهر الأبحاث أن الأسر ذات الدخل المنخفض تأثرت بشكل أكبر بارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وفي حين أن الشيكات التحفيزية وسوق العمل القوي ساعدا البعض، إلا أن العديد من الفقراء يشعرون بأن أوضاعهم ساءت، حيث أشار أحد الاقتصاديين إلى أن المفارقة في رئاسة بايدن هي أن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط عانت أكثر من غيرها.

رغم تركيز إدارة بايدن على “الأمريكيين من الطبقة الوسطى”، إلا أن الشركات الكبرى في الولايات المتحدة كانت المستفيد الأكبر، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الأسهم بدعم من الحماس المحيط بالذكاء الاصطناعي.

ورغم أن لجنة التجارة الفيدرالية تحت قيادة رئيستها لينا خان كانت عدوانية في رفع دعاوى مكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن فريق ترامب الجديد، الذي يرتبط بعلاقات مع مليارديرات التكنولوجيا مثل إيلون ماسك، من المتوقع أن يمنح هذا القطاع مزيداً من الحرية.

يتوقع الاقتصاديون أن تترك استراتيجية بايدن الصناعية، التي شملت قانون الرقائق والسياسات الحمائية ضد المنافسين الصينيين، تأثيراً طويل الأمد على الاقتصاد الأمريكي.

وقدر البيت الأبيض أن الشركات الخاصة تعهدت باستثمارات بقيمة تريليون دولار كجزء من هذه الحزم.

رغم ذلك، واجهت قوانين مثل “قانون الرقائق” و”الحد من التضخم” عقبات عدة، بما في ذلك نقص العمالة وتعقيدات الحصول على التصاريح.

يرى المحللون أن بايدن يترك وراءه اقتصاداً قوياً لكنه مثقل بالديون.

ووفقاً لموريس أوبيستفيلد، زميل أول في معهد بيترسون: “إرث بايدن مختلط؛ فبينما حقق إنجازات، ترك آثاراً جانبية مثل رفع التضخم والعجز والحواجز الحمائية”.