شهدت مصر تطورًا كبيرًا في مجال استكشاف الغاز الطبيعي، خاصة في منطقة غرب البحر المتوسط، بعد الإعلان عن اكتشاف جديد لشركة «إكسون موبيل»، ويُعد هذا الاكتشاف خطوة استراتيجية ضمن جهود مصر لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة، ورفع قدراتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات السوق المحلية وزيادة صادراتها.
وسبق وكشفت وزارة البترول والثروة المعدنية، عن التفاهم مع شركة شيفرون العالمية لاستكمال أنشطتها الحالية في مصر عبر توسيع محفظة أعمالها، خاصة مع رغبتها القوية في الاستحواذ على مناطق امتياز جديدة في المزايدة الأخيرة التي طرحتها الحكومة للبحث عن البترول والغاز، حيث تكثف الشركة أنشطة البحث والاستكشاف في مختلف مناطق العمل البترولي بهدف تحقيق اكتشافات جديدة من شأنها زيادة الاحتياطيات والإنتاج، وهو ما سيسهم في تقليل الفاتورة الاستيرادية.
وللوصول إلى جذب شركاء أجانب في قطاع البترول، عملت الوزارة على تذليل التحديات وتسريع الإجراءات اللازمة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتحقيق الأهداف المشتركة بين جميع الأطراف، ما دفع شيفرون العالمية للقول إنها تدرس بعناية المناطق المطروحة للمزايدة الجديدة، التي قد توفر فرصًا كبيرة للنمو في مجال الطاقة، حيث تتطلع الشركة إلى توسيع نطاق أعمالها في مصر، مع الالتزام ببرنامج عمل طموح يستهدف تحقيق نتائج متميزة في المرحلة المقبلة.
وفي لقاء موسع بين وزير البترول والمدير الإقليمي لشركة شيفرون في مصر، جرى التباحث حول التعاون المستقبلي في مجال الغاز، حيث تم بحث إمكانية توريد الغاز المنتج من الحقول القبرصية إلى مصر، ليتم تسييله في مصانع الإسالة المصرية ثم إعادة تصديره أو استخدامه في الصناعات المحلية، بما يعود بالنفع على السوق المصري.
تحفيز الاستثمارات في قطاع الغاز والبترول
جذب الاستثمارات الأجنبية في كافة المجالات، يأتي على رأس أولويات الحكومة، ومن بين هذه الاستثمارات قطاع البترول، والذي يعد واحدا من أهم القطاعات في مصر، لذا يجري تذليل العقبات ومواجهة التحديات بهدف زيادة جاذبية فرص الاستثمار في قطاع الغاز والبترول، وذلك في إطار سعي مصر المستمر لتحويل منظومة البحث عن الغاز والبترول إلى وجهة استثمارية رائدة، في ظل المنافسة الكبيرة على جذب الاستثمارات في مجالات الطاقة على مستوى العالم.
ورغم ما تقوم به وزارة البترول والدولة المصرية، لجذب الشركات الأجنبية تعمل في الوقت ذاته على تطوير بيئة الاستثمار في قطاع الطاقة، وتحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير الدعم للمستثمرين المحليين، ضمن استراتيجية مصر لتكون مركزًا إقليميًا للطاقة، ما يساهم في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة.
اكتشاف احتياطيات جديدة للغاز غرب المتوسط
شركة «إكسون موبيل» أعلنت منذ أيام عن اكتشاف احتياطيات جديدة للغاز في المياه العميقة غرب البحر المتوسط، وذلك ضمن الامتيازات التي حصلت عليها الشركة في مزايدات دولية طرحتها مصر لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة، وتشمل عمليات الشركة منطقة الامتياز 6 شمال مراقيا، والتي تُعد من المناطق الواعدة بفضل موقعها الجغرافي المميز واحتوائها على تكوينات جيولوجية غنية بالهيدروكربونات.
مصر واجهة استثمارية للطاقة
جذب الاكتشاف الجديد أنظار كبرى شركات الطاقة العالمية إلى مصر، حيث أصبحت وجهة استثمارية مميزة في قطاع النفط والغاز، ويرجع ذلك إلى الإصلاحات الاقتصادية، ومنها تنفيذ سياسات تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والبنية التحتية من حيث تطوير شبكة متقدمة من محطات الإسالة وخطوط الأنابيب، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي، لقرب مصر من الأسواق الأوروبية التي تسعى لتنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن الاعتماد على الغاز الروسي.
خريطة الغاز غرب المتوسط
شهدت السنوات الأخيرة توسعًا في استكشافات الغاز الطبيعي غرب المتوسط، حيث أبرمت مصر اتفاقيات مع شركات عالمية مثل «شل»، «بي بي»، و«توتال إنرجيز»، وتمثل هذه المنطقة امتدادًا لمكامن الغاز الكبرى المكتشفة شرق المتوسط، ما يعزز فرص تحقيق اكتشافات عملاقة، بهدف زيادة إنتاج الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض، بالإضافة إلى تعزيز الصادرات خاصة إلى أوروبا عبر محطات الإسالة في إدكو ودمياط، وكذا التكامل الإقليمي، عبر التعاون مع دول شرق المتوسط في إطار منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF).
يعزز هذا الاكتشاف جهود مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة، ما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز أمن الطاقة في المنطقة، ومع استمرار الاستكشافات، تتطلع مصر إلى تحقيق اكتشافات جديدة تعزز من موقعها الريادي في قطاع الغاز.