بهدف الاطلاع على التجارب الخليجية، قام وفد أكاديمي من جامعة بكين الصينية بزيارة علمية تطبيقية للمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، حيث اطلع على تجارب المركز في مجال البحوث والدراسات الخاصة باللغة العربية وطرق تدريسها.
وقال مدير المركز د. محمد الشريكة، لـ «الجريدة»، إن المركز استضاف وفدا أكاديميا من جامعة بكين الصينية، تضمن 5 أساتذة و19 طالب دراسات عليا في الجامعة، موضحا أن الزيارة تأتي في مجال توطيد العلاقات وتبادل الخبرات مع الصين الصديقة، مضيفا أن هذا الوفد يعتبر الأول الذي يزور الكويت منذ 30 عاما، وقد حرصوا على زيارة المركز للاطلاع على تجربته وإمكانياته وجهوده في خدمة اللغة العربية وقضايا التعليم.
وأفاد الشريكة بأن جامعة بكين هي أحد أهم الجامعات في العالم، وهي جامعة حكومية صينية أنشئت منذ عام 1898، وتحتل المرتبة الـ14 على مستوى العالم، لافتا إلى أن «هذه العلاقات والزيارات في غاية الأهمية لدولنا بمجلس التعاون الخليجي، فالصين لديها تجربة ثرية وملهمة في مجال إصلاح التعليم، خاصة في مجال تطوير أداء الطلبة بالاختبارات الدولية، تيمز وبيلرز، حيث انعكست هذه الجهود على احتلال الصين مراتب متقدمة عالميا في الاختبارات الدولية».
تجربة ثرية
وذكر الشريكة أن «الصين لديها تميز كبير في المجال العلمي، ونحن حريصون في المركز العربي للبحوث التربوية على توطيد العلاقات مع الكيانات الأكاديمية الصينية، وإقامة علاقات مشتركة تعود بالفائدة على دولنا الخليجية، لاسيما أن الصين من الدول التي تجاوزت المعوقات في كثير من المجالات، ودول الخليج مهتمة بتطوير علاقاتها مع الصين كشريك استراتيجي واقتصادي».
ولفت إلى أن «هذه العلاقات التكاملية والتعاون والتنسيق مع الصين أمر مهم، والوفد الذي التقيناه أبدى اهتماما بإقامة بعض الأنشطة المشتركة، كنشاط تدريب متخصص لمعلمي اللغة العربية بالصين، والانخراط في برنامج تدريب مدته أسبوع، وكذلك هم مهتمون بإقامة علاقات بحثية مباشرة مع المركز».
جواد جاوتشين: ندرس العربية منذ عام 1946 ولدينا الآن 5 جامعات صينية تدرسها
وبين أن «هذه الزيارة هي باكورة زيارات الجامعات الصينية للكويت، وستكون هناك زيارات أخرى، وهم لديهم برنامج الزيارات العابرة للثقافات، ويهتمون بأن تكون هناك زيارتان للكويت في كل سنة، وستكون للمركز حصة من هذه الزيارات، ونتطلع إلى تطوير العلاقات لكي نستفيد من هذه التجربة الثرية».
تدريس «العربية»
بدوره، ذكر نائب عميد كلية اللغات بجامعة بكين، د. أمين فوشمين، أن «الجامعة تهتم بتعليم اللغات، ولديها برامج لتدريس 21 لغة، منها اللغة العربية، فنحن نعتقد أن العربية من اللغات المهمة جدا، ولهذا قمنا بزيارة المركز العربي للبحوث، لكونه يهتم باللغة العربية وتدريسها»، لافتا إلى أن الوفد يهدف إلى تعزيز العلاقات بين جامعة بكين والمركز.
وأردف: «نعرف أن المركز يبذل جهودا في مجال اللغة العربية، ونحن نريد أن يستمر التعاون بيننا، ونريد إنشاء طرق وآليات للتدريس، إلكترونية وتقليدية، لكي نستفيد من خبرات المركز العربي للبحوث التربوية في مجالات اللغة»، مشيرا إلى «وجود مجالات تعاون كثيرة بين الجامعة وعدد من الجهات العربية، منها كرسي السلطان قابوس لدراسة اللغة العربية، الذي يدرس على جميع نطاق الصين، وهناك كذلك مركز قطر لدراسات الشرق الأوسط، وفرع لمكتبة الملك عبدالعزيز آل سعود، وكل هذه الهيئات تساعدنا في تعليم اللغة العربية».
وشدد على أن «العربية» لها تاريخ طويل في الصين، لاسيما أن طريق الحرير الذي ربط الصين بالدول العربية والغرب كان يتطلب تعلم هذه اللغة المهمة لنجاح التجارة، لافتا إلى أن اللغة العربية نقلت وأصبحت تدرس كمناهج في الجامعات الصينية عام 1946.
زيارة علمية
من جانبه، قال الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية بجامعة بكين، جواد جاوتشين لين، إن الزيارة تعد زيارة علمية تطبيقية، حيث إن الوفد شامل ومتنوع من الجامعة بمختلف أقسامها، للاطلاع على التجارب في الكويت، لافتا إلى أنه توجد 5 جامعات في الصين تدرس تخصص لغة عربية، وجامعة بكين هي أول جامعة تدرس بها اللغة العربية، وبدأ تدريسها في الصين منذ 1946، وهذا قبل تأسيس جمهورية الصين.
وذكر أن «هناك دوافع عديدة لتعليم العربية في الصين، ومنها تطوير العلاقات الاستراتيجية والذي يشمل جميع المناحي السياسية والاقتصادية والتعليمية، فاللغة العربية هي الوسيلة للربط بين الصين والدول العربية، خاصة الفصحى، فهي لغة معيارية يستخدمها جميع الناطقين بالعربية، ونحن حاليا في الصين أصبحت العربية جزءا من لغات الصين ويستخدمها الصينيون على كثير من المستويات الرسمية، لاسيما القنوات الرسمية والإذاعات والصحف اللغة العربية لنشر أخبار الصين والصينيين إلى العالم العربي».
وأضاف: «إن تدريس اللغة واستخدامها كلغة استراتيجية في الصين يهدف إلى تعزيز العلاقات العميقة بين شعب الصين والشعوب العربية، ولدينا نظام لتدريسها في الجامعات، وهناك مدارس ذات طابع إسلامي تدرس طلبتها العربية كأساس للعلوم الإسلامية فيها»، لافتا إلى أن من يتحدث اللغة العربية في الصين يعتبر مثقفا لكونها لغة لثقافة عريقة.
تعلُّم «الفصحى» أسهل من العامية
ذكر الطالب كميل، وهو طالب ماجستير بجامعة بكين، أنه من المعروف أن الثقافة العربية الإسلامية هي من أهم وأقدم وأجمل الثقافات في العالم، خاصة بعد أن تطورت العلاقات بين الدول العربية والصين بعمق، لاسيما بعد إقامة القمة الصينية – العربية والخليجية. وأضاف أن الصينيين بدأوا يهتمون ببناء جسور للصداقة الصينية – العربية، ولهذا فإن تعلم اللغة العربية شيء أساسي لاستمرار وتطور هذه العلاقات، لافتا إلى أن تعلمه لـ «العربية» كان صعبا في البداية «لكن الأمور تحسنت بعد ذلك»، مشيرا إلى أنه لا يزال يواجه بعض المشاكل بالنسبة للهجات العامية التي تختلف قليلا عن «الفصحى».
ليان: تعزيز التعاون بالمجالات الثقافية
أكد الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية بجامعة بكين الصينية، د. تشاوتشيون ليان، سعي بلاده لتعزيز التعاون الفعّال مع الكويت في المجالات الثقافية والتعليمية والاقتصادية والتنموية المختلفة، لاسيما تعليم اللغة العربية.
جاء ذلك في تصريح أدلى به ليان لـ «كونا» أمس الأول، وقال إن الكويت أصبحت منارة وواحدة من المراكز العالمية في دراسة اللغة العربية، خصوصا وسط الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الكويتية لدعم المؤسسات البحثية والجهود المبذولة ليكون هناك تعاون ثقافي مشترك مع البلدان الأخرى، الذي يعتبر بمنزلة سجل يرصد حركة اللغة العربية عبر تاريخها الطويل.
وأشار إلى أن بلاده تسعى لإيجاد تفاهم أكبر مع الدول العربية من أجل إقامة علاقات تهدف إلى التعاون المشترك والمنفعة المتبادلة بين جميع الأطراف على مختلف الصعد الاقتصادية والإعلامية والسياسية والثقافية.
وأوضح أن تاريخ اللغة العربية في الصين قديم، إذ أنشئ أول قسم للغة العربية عام 1946 على يد الأستاذ محمد مكين الأزهري وزملائه في كلية اللغات بجامعة بكين، بعد دراستهم في مصر، وهو أول قسم للغة العربية في تاريخ الصين، مشيرا إلى أن اليوم بعد مرور 79 عاما هناك نحو 50 جامعة في الصين تقوم بتدريس اللغة العربية.